العولمة والهوية الثقافية (تابع)


ولذلك فإن للعولمة وجوهاً متعددة؛ فهي عولمة سياسية، وعولمة اقتصادية، وعولمة ثقافية، وعولمة إعلامية، وعولمة علمية وتكنولوجية. والخطير في الأمر كلِّه، أن لا وجه من هذه الوجوه يستقل بنفسه؛ فعلى سبيل المثال، لا عولمة ثقافية بدون عولمة سياسية واقتصادية تمهد لها السبيل وتفرضها فرضاً بالترهيب والإجبار تارة، وبالترغيب والتمويه، تارة أخرى.
ومن هنا، كان لابد أن نفهم (العولمة) باعتبارها منظومةً من المبادئ السياسية والاقتصادية، ومن المفاهيم الاجتماعية والثقافية، ومن الأنظمة الإعلامية والمعلوماتية، ومن أنماط السلوك ومناهج الحياة، يُراد بها إكراه العالم كلِّه على الاندماج فيها، وتبنّيها، والعمل بها، والعيش في إطارها.
وذلك هو العمق الفكريّ والثقافيّ والإيديولوجيّ للنظام العالمي الجديد.
مجال العولمة الثقافية :
للعولمة، كما أسلفنا القول، منظومةٌ متكاملةٌ يرتبط فيها الجانبُ السياسيُّ بالجانب الاِقتصاديّ، والجانبان معاً يَتَكَامَلاَنِ مع الجانب الاِجتماعي والثقافي، ولا يكاد يستقل جانبٌ بذاته. وعلى هذا الأساس، فإن العولمة الثقافية هي ظاهرةٌ مدعومةٌ دعماً محكماً وكاملاً، بالنفوذ السياسي والاِقتصادي الذي يمارسه الطرف الأقوى في الساحة الدولية. وللوقوف على الصورة الواضحة للأجواء التي تمارس العولمة الثقافية في ظلها نفوذَها على الشعوب والأمم، نسوق فيما يلي، باختصارٍ وتركيز، طائفة من المعلومات التي تُنشر وتتداولها الصحافة العالمية المتخصصة والمواكبة لثورة المعلوماتية التي هي الأساس الراسخ للعولمة الثقافية، والتي تشكل القوة الضاربة للنظام العالمي الجديد.
إن تكنولوجيا المعرفة، هي قوة الدفع للعولمة الثقافية. وفي ظل النقلة الجديدة والمتطورة جداً لتكنولوجيا المعرفة، يبدو العالم منقسماً إلى ثلاثة أقسام :
ــ إن 15 بالمائة من سكان العالم يوفّرون تقريباً كلَّ الاِبتكارات التكنولوجية الحديثة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الخجل

العنف على المدرسة في العالم القروي

تكيف الأطفال مع المدرسة