العولمة والهوية الثقافية



مقدمة :
تفرض (العولمة) نفسها على الحياة المعاصرة، على العديد من المستويات، سياسياً واقتصادياً، فكرياً وعلمياً، ثقافياً وإعلامياً، تربوياً وتعليمياً. وهي بذلك من الموضوعات التي تحتاج معالجتها إلى قدر كبير من الفهم لعمقها وجوهرها، والإدراك لبُعدها وغايتها، والوقوف على ما تنطوي عليه السياسات التي تتحكّم فيها وتقودها، وتتحمّس لها وتدعو إليها، وتمهد للتمكين لها، بشتى الطرق وبمختلف الوسائل.ولقد أجمعت الدراسات الحديثة لنظام العولمة الذي أصبح اليوم نظاماً يشكّل ظاهرة كونية، إن صحَّ التعبير، على اعتبار الخطر الأكبر الذي تنطوي عليه العولمة، هو محو الهويات الثقافية للشعوب، وطمس الخصوصيات الحضارية للأمم.
توطئـة:
لكل عصرٍ مفاهيمه ومصطلحاته ومفرداته، ولكل مرحلةٍ من مراحل التاريخ البشري، اهتماماتها وقضاياهاوانشغالاتها.
ومن المفاهيم الجديدة التي تُطرح في هذا العصر، وتحديداً منذ العقد الأخير من القرن الماضي، مفهومُ (العولمة) الذي اقترن ظهورُه بانتهاء الحرب الباردة وابتداء ما يُصطلح عليه بـ (النظام العالمي الجديد) الذي هو في حقيقة أمره وطبيعة أهدافه، نظامٌ صاغته قُوى الهيمنة والسيطرة لإحداث تنميط سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وإعلامي واحد وفرضه على المجتمعات الإنسانية كافة، وإلزام الحكومات بالتقيّد به وتطبيقه.
ولقد خَالَطَ مفهومَ العولمة هذا كثيرٌ من الأوهام حتى صار من المفاهيم المعقدة، المبهمة أحياناً، المثيرة للجدل دائماً، المرتبطة في الأذهان بالسياسة التسلّطية التي تمارسها الدولةُ التي انفردت بزعامة العالم في هذه المرحلة، بعد أن خَلاَ لها المجالُ بانهيار القطب الموازي لها، وسقوط منظومته المذهبية والسياسية والفكرية والثقافية.
يتبع

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الخجل

العنف على المدرسة في العالم القروي

تكيف الأطفال مع المدرسة